نظمت الملحقية الثقافية للملكة العربية السعودية في كوريا الجنوبية الدورة الرابعة من مسابقة الإلقاء والكتابة باللغة العربية بين الطلاب الجامعيين الكوريين، سواء من دارسي اللغة العربية أو غيرها، يوم الجمعة 4 ديسمبر. (من قبل كي بي إس)
حكاية ثلاثمائة يوم
نبيل سوك جون مون
)Seokjun Moon(
جامعة هانكوك للدراسات الأجنبيّة
السلام عليكم.
مرحباً بكم
أيّها الحضور الكرام، شكراً لكم على وجودكم معنا اليوم. أنا سوك جون مون ونبيل باللغة العربيّة. أدرس
حالياً اللغة العربيّة والدراسات الدوليّة بجامعةْ هانكوك للدراسات الأجنبيّة. يسعدني
أن أقدّم لكم حكايةً قصيرة عن حياتي في إحدى الدول العربيّة وعمّا جعلني أن أشتاق
إليها بعد رجوعي إلى كوريا. هل أنتم مستعدّون لسَماع ذلك؟ هيّا نبدأ!
منذ أيّامٍ معدودة هبّت رياحٌ باردة. قلتُ:
إنّ الشتاءَ أقبل علينا. واستنشقتُ الهواءَ حتّى يصلَ إلى الرئتينِ، وشعرتُ
بالبرودة. باردٌ، باردٌ، فقط. لا حنانَ ولا رحمةَ فيه. ذكّرني الهواءُ الباردُ
بالجوّ البارد الذي عشتُه منذ أشهرٍ، وأعادني إلى غرفتي وقاعتي وأصدقائي في عمّان.
كان
شتاءُ الأردنّ أبرد ممّا توقّعته، ودراسة اللغة العربيّة هناك لم تكن سهلةً أبداً،
أيْ كانت باردةً صعبةً: لأنّني لمّا سجّلت بالجامعةِ الأردنيّة، كنتُ قد اخترتُ
مادّةً بعنوانِ "جغرافيا الأردن" بدون إدراك صعوبتها لغير السكّان الأردنيّين.
في
أوّل حصّة لي أمطرتني الدكتورة يسرى، أستاذة مادّة "جغرافيا الأردن"،
بأسئلةٍ متتالية. "هاي جغرافيا، مضبوط؟ اِنتَ صينيّ؟ تحكي العربيّ؟ شو
اسمك؟" من دون فهم أسئلتها فهماً صحيحاً، رددتُ عليها بصوتٍ مرتفع. "أنا
اسمي نبيل من كوريا الجنوبيّة ولستُ صينيّاً." ضحك جميعُ الطلبةِ في القاعة ماعدا
الدكتورة، فهي وحدَهَا كانت جادّةً ولم تضحك.
في
أوّل الأمر، لم أدر لماذا ضحك زملائي، ولكن لم يمض وقتٌ طويلٌ حتّى أدركت السبب. فالمادّة
كانت دائماً ما تجري باللهجةِ الأردنيّة التي لم أسمعها من قبل، ولذا كنتُ وقتَها
مثلَ الأطرش في الزفّة.
كنتُ
واثقاً بنفسي في البدايةِ ليس لأنّ لغتي العربيّة ممتازةٌ بل لأنّني ولدتُ متفائلاً
أصلاً. ولكن، مع مرور الوقت بدا لي أنّ قدرتي على فهم المحاضرات قاصرةٌ ولا تتحسّنُ
بسرعةٍ معقولة. فلم أستَطع الخروجَ من بابِ الإحباط واليأس.
يوماً
بدأت الدكتورة يسرى تتكلّم بلغةٍ مألوفةٍ لي، أيْ اللغة العربيّة الفصحى. وصرّحت
لنا بأنّها سوف تتكلّم اللغةَ العربيّة فقط بدلاً من أيّة لهجاتٍ أخرى. يا لها من
مفاجئةٍ سارّة، أعجبتني واقعةُ أنّ أستاذتي وزملائي كلّهم قبلوني جزءاً منهم.
وتحسّن
التواصلُ مع أصدقائي بفضلِ اللغةِ العربيّة، وقلّتْ مسافةٌ نفسيّة بيني وبينهم، فاقتربنا
بعضنا من بعض شيئاً فشيئاً. ويوماً دعاني أحدُ أصدقائي لبيته، كان اسمه علي، وزميلي
في مادّةِ جغرافيا الأردن، والحمد لله استقبلتني عائلته وعاملتني معاملةً طيّبةً للغاية
وكأنّنّي ابنها. فأصبحتُ أؤمنُ بأنّ رياحَ الشتاءِ الأردنيّةَ لم تَعُدْ باردةً بل
صارت دافئةً حنّونة.
وجرّبتُ
الطعامَ الأردنيّ التقليديّ "منسف" مطبوخاً بالطريقةِ الأردنيّة. والمهمّ
أنّ المنسف يُؤكل بأصابع من دونِ أدواتٍ كالشوكة أو السكينة. وقد شرح لي والد علي كيف
آكله بالطريقةِ الأردنيّة، وسرعان ما وصلتني حرارةُ المنسفِ عبر طرفِ أصابعي.
ردّاً
على هذا الجميل، دَعَوْتُ صديقي علي وقدّمتُ له مأكولةً كوريّةً ليجرّبَها. كانت
المأكولةُ "떡볶이 (طوكبوكي)". ولأنّ الكوريّين يحبّونه
صغاراً وكباراً ورجالاً ونساءً، اعتقدتُ أنّ طوكبوكي سوف يُعجب علي إذا ما جرّبه، لكن
اتّضح الأمرُ بعكس ذلك. أكّد عليٌ بحسمٍ: "كذّاب يا نبيل! يا كذّاب! الماء!
أعطني الماءَ!... ...هذا حارٌّ جدّاً، جدّاً. لن آكل أبداً طعاماً كوريّاً أيّا
كان."
يقولون
إنّ الوقت يجري بسرعةٍ. ومرّت أيّامي وليالي في الأردنّ حقاً كالسهم. ويقول المثل
العربيّ: "من عاشر قوماً أربعين يوماً أصبح منهم."، فأصبحتُ جزءاً لا
يتجزّأُ من الأردنيّين لأنّي قضيتُ ثلاثَمائةِ يومٍ في أحضانِهم.
شكراً جزيلاً لحسن استماعكم! والسلام عليكم!
تجربتي في الجمعيّة العامّة
النّموذجيّة للأُمم المتّحدة
هوانغ ساي جون
طالب في قسم اللّغة
العربيّة في جامعة هانكوك للّدراسات الأجنبيّة
السّلام عليكم
أيّها
الحاضرين الكرام. إنّه لشرف عظيم أن أشارك في هذه المسابقة للتّحدّث باللّغة
العربيّة. أوّد أن أشكر سفارة المملكة العربيّة السّعوديّة لدى كوريا الجنوبيّة
على تنظيم
هذه المسابقة النّاجحة اليوم وأيضا على إتاحة الفرضة
الطّيّبة لنا. في الحقيقة، كنت جالسا على المقعد هناك لمتابعة المسابقة العام قبل
الماضي. كانت التّجربة بالنّسبة لي مؤلمة جدّا. لأنّني لم أفهم كلمة واحدة من خطاب
المتسابقين. إعتقدت أنّني الوحيد لم يفهم الموقف فلم أضحك بينما كلّ الجمهور ضحك.
لست الآن ذلك الشخص الّذي لم يفهم شيئا قبل سنتين.
أنا
هوانغ ساي جون واسمي حمزة للّغة العربيّة. وأتعلّم اللّغة العربيّة في هذه
الجامعة. سأتحدّث اليوم عن تجربتي في الجمعيّة العامّة النّموذجيّة للأمم المتّحدة
حيث شاركت مترجما للّغة العربيّة.
هناك
عدد كبير من المؤتمرات عالميا باسم ’الأمم المتّحدة النّموذجيّة‘ في مختلف
الجامعات. تقام هذه المؤتمرات لتنشر روح السّلام بين سباب العالم. وتحدف إلى إتاحة
فرص لهم في التّعرّف على وظائف الأمم المتّحدة والتّدرّب على التّفاوض للوصول إلى
قرارات.
ومن
خلال هذه الأعمال يستطيع الطّلبة أن يفكّروا في قضايا عالميّة تفكيرا عميقا ومن
زوايا متعدّدة. من هذا المنطلّق تأسّست الأمم المتّحدة النّموذجيّة في جامعتنا منذ
56 سنة أي عام 1959. ويقام هذا الحدث سنويّا ويتناول موضوعات تتعلّق بأهمّ القضايا
العالميّة.
وتعدّ
هذه الجمعيّة أكبر مسابقة طلابيّة من نوعها في كوريا على الإطلاق. يُذكر أنّ HIMUN في جامعتنا تتناول موضوعات باللّغات الرّسميّة السّت في الأمم
المتّحدة بينما تنطق الجامعات الأخرى باللّغة الإنكليزيّة وحدها. وعلى جميع مندوبي
الدّول أن يتكلّموا بلغاتهم طوال الجمعيّة. بسبب هذه الخصوصيّات، يرغب عدد كبير من
الطّلبة الكوريّين في المشاركة فيها.
من خلال تجاربي مع الأمم المتّحدة النّموذجيّة،
تعرّفت على مهمّة الأمين العام والمندوبين الدّوليّين ووظيفة المترجمين. خلال عملي
في HIMUN
وجهت مشاكل في التّرجمة رغم أنّ إدراة HIMUN لم تتطلّب ترجمة فوريّة. لو طالبتني الإدراة بالتّرجمة الفوريّة
لإعتذرت عن المشاركة نظرا لعدم قدرتي على ذلك. لم أكن أعرف مصطلحات أو تعبيرات
خاصّة بقضايا حقوق الإنسان. فهناك كبير من الكلمات والمترادفات والأضداد الّتي لا
أعرف كيف أستخدمها استخداما صحيحا. كنت أنقل بعض الكلمات العربيّة إلى كلمات
كوريّة دون بناء جمل سليمة.
بعد
أن انتهيت من ترجمة كلمات المندوبين بكافّة إلى العربيّة، طلبت من أستاذي الدّكتور
صلاح الدّين مراجعة ما ترجمته. وقال لي أسناذي أكثر من 10 مرّات "يا حمزة لم
أفهم هذه الجملة على الإطلاق".
بعد
مراجعة الجمل والتّعبيرات، أدركتُ واقعة مهمّة : هي أنّني حاولت ترجمة النّصوص دون
تفهّم لما يقصده المندوبون. فبدأت أقرأ النّصوص بدقّة بقدر المستطاعي وبحثت عن
المعلومات والخلفيّات حول الموضوع. والحمد لله بفضل هذه امحاولة وبفضل نصائح
أستاذي، أصبحت ترجمتي أفضل بكثير بعد أن تعلّمت وفهمت التعبيرات العربيّة الصحيحة.
في
الحقيقة حصلت على الجائزة الكبرى في المسابقة أي جائزة وزير الوحدة الكرويّ. فتحت هذه التجارب أفاقا جديدة أمامي لدراسة اللّغة
العربيّة. وأحبّ اللّغة العربيّة وأدرسها بجدّ هذه الأيّام لأرتقي بمهارتي
اللّغريّة. أتمنّى كلٍ منّا التّوفيق والنّجاح بإذن الله تعالى. أشكر ضيوف
الجاضرين لحسن الاستماع. والسلام عليكم.